عرض كتاب: سياسة الإسكان في الدول النامية
Book Review: Housing Policy in Developing Countries
عرض كتاب: سياسة الإسكان في الدول النامية
تأليف: أ.د. عبدالله بن محمد العابد و د. وليد بن
سعد الزامل
الناشر: متجر مرجع
Marj3-store.com
هذا كتاب حديث ظهر هذا العام (2021) ليناقش
مشكلة اجتماعية عالمية مهمة هي كيفية توفير السكن الملائم للطبقة المتوسطة
والفقيرة من السكان في الدول النامية. يتكون
الكتاب من ثمانية أجزاء (240 صفحة) يقيم
فيها المؤلفان السياسات السكنية المستخدمة في
الدول النامية، ويركز في الجز
الثامن على سياسة الإسكان في المملكة العربية السعودية التي شهدت تغييرات
كبيرة في السنوات العشر الماضية. يقدم الكاتبان
تحليلا وافيا للنواحي الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لمشكلة الإسكان في الدول
النامية، ويقترح حلولا لها. خاتمة الكتاب التي وجدنا من المفيد ان نسردها هنا نصيا
توفر تلخيصا بليغا للكتاب.
"
تخضع سياسات الإسكان في معظم البلدان النامية للتخطيط من الأعلى إلى الأسفل، وتتسم
بالبيروقراطية ونقص المرونة وعدم الفعالية وغياب المشاركة الشعبية. إن سياسات
الإسكان يجب ألا تركز فقط على زيادة المعروض من المساكن ميسورة التكلفة، ولكن أيضاً
على تطوير آلياتٍ لتلبية الاحتياجات الفعلية للسكان. إنّ إصلاح سياسات الإسكان
يتضمن توسيع المشاركة العامة في المجالس البلدية، وصنع القرار، وتقييم أداء
السياسات، وقياس مدى إرضاء السكان، وينبغي لسياسات الإسكان أن تعمل على تحسين مناخ
الاستثمار، ومشاركة القطاع الخاص، وصناعة البناء من خلال توفير القروض والحوافز
للمستثمرين من أجل خفض الأسعار.
أن
قوانين الإسكان في البلدان النامية تركز على وضع معايير للحد الأدنى من بناء
المساكن. وتهدف هذه القوانين إلى رفع جودة البناء وكثافة التنظيم وخدمات التوزيع.
ومع ذلك، فقد أصبحت هذه القوانين عائقاً أمام العديد من الأسر للدخول في سوق
الإسكان الرسمي وشجعت على انتشار العديد من العشوائيات والمناطق غير الرسمية. إن
قوانين وأنظمه البناء يفترض أن تتماشى مع التنوع الاجتماعي للسكان، وهذا يشمل
تنويع أنماط الإسكان والبناء وتقسيم الأراضي. ومن هذا المنطلق يجب أن تكون أنظمة
البناء أكثر ديناميكية لتعزيز مبدأ "رضا المجتمع" وأن تراعي الظروف
البيئية والمناخية لترشيد استهلاك الطاقة وتيسير الإسكان، وهذا يشمل، تشجيع
استخدام أنظمة الطاقة البديلة، وشبكات المياه، وتقنيات البناء الحديثة. وعلاوة على
ذلك، فإن سياسات الإسكان يجب ألا تكون بمعزل عن التوجهات الاستراتيجية التنموية
والسياسات الاقتصادية والاجتماعية. فعلى سبيل المثال، فإن تطوير البرامج
الاجتماعية لمكافحة الفقر والوعي الاجتماعي والبطالة يمكن أن يساهم في التغلب على ظاهرة
الأحياء الفقيرة ومناطق وضع اليد. وبالتالي، يجب أن تأخذ برامج الإسكان في
الاعتبار تحسين أساليب المعيشة وتحسين الظروف الاجتماعية والاقتصادية للسكان.
إن دور قطاع الإسكان يجب ألا يُختزل في توفير وحدات
سكنية أو تطوير برامج الدعم والتمويل للفئات الاقتصادية محدودة الدخل. فالحلول القائمة
على برامج الإمداد السكني لن تكون قادرة على ملامسة احتياجات المجتمع، فضلاً عن أنها
لا تعالج واقع السوق الإسكاني. وتشير العديد من التجارب والدراسات إلى أن هذه
البرامج تواجه تحديات تتمثل في ندرة الأراضي المتاحة، أو القابلة للتطوير في المدن
الكبرى، يقابله زيادة في الطلب على الإسكان منخفّض التكلفة. كما تواجه مشاريع الإسكان
الجاهز إشكالية عدم تقبل المستفيدين لها لكونها تقع في مناطق نائية، أو في بيئات عمرانية
بعيدة عن مركز المدينة. وسَجلت معدلات الإشغال السكني لبعض المشاريع السكنية في الدول
النامية نسبة لا تزيد عن 50%، وهو ما يعطي دلاله واضحة على عدم ملاءمتها
للمستفيدين. إن توفير التمويل السكني مهما كان حجمه لن يكون مجدياً في ظل الارتفاع
المتنامي لأسعار الأراضي والوحدات السكنية.
لقد
أشارت المراجعات البحثية وتجارب الدول النامية إلى أن قطاع الإسكان يواجه إشكالية تتمثل
في فهم المنظور الاستراتيجي لدور القطاع بصفته جزءاً يتكامل مع المنظومة العمرانية
التنموية. إذ ليس من دور وزارات الإسكان إمداد الأسر بالوحدات السكنية، بل تطوير سياسات
تساهم في الوصول الى سوق إسكان عادل ومتوازن لجميع فئات المجتمع. لذلك، فإن تطوير سياسات
الإسكان يجب أن يتماشى مع المستويات التخطيطية الثلاث على مستوى الوطن بشكل عام، ثمّ
على مستوى الأقاليم، وحتى المستوى المحلي. ويمكن أن تعمل هذه السياسات على استغلال
موارد المدن الصغيرة بشكل يتماشى مع تعزيز دور شبكات الطرق الإقليمية كأقطاب تنموية
وبما يحقق التوازن في التنمية الإقليمية ويقلل الهجرة السكانية والطلب على الإسكان
في المدن الكبرى.
إن
الفقر الحضري وعدم تكامل البنية التحتية في المدن ليست سوى الملامح السطحية لأزمات
الإسكان في الدول النامية. وفي الحقيقة فإن أسباب المشكلة تتمثل بالسياسات
المركزية الفاشلة، والحوكمة الارتجالية، والقوانين التنظيمية التي لا تشجع منهج
المشاركة المجتمعية، والفساد وضعف الإرادة السياسية. إن تحسين واقع سوق الإسكان
عملية معقدة لكونها لا تشمل البعد الاقتصادي فحسب بل تلامس سياسة الحكومات في
الدول النامية ومنهج توزيع الموارد في المدن والأقاليم. وأخيراً، فقد باتت الحاجة ماسة
إلى اتجاه السياسات الإسكانية نحو إصلاح واقع السوق أولاً ومواءمة مصالح اللاعبين المؤثرين
كالمطورين العقاريين، والمستثمرين، والمؤسسات المدنية بما يتماشى واحتياجات المجتمع
ضمن إطار المصلحة العامة."
المؤلفان استاذان في قسم التخطيط العمراني في كلية
العمارة بجامعة الملك سعود، ولهما اسهامات كثيرة في مجال الإسكان. ويمكن الإتصال
بهما عن طريق البريد الإلكتروني:
amalabed@ksu.edu.sa , waalzamil@ksu.edu.sa